إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف logo إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
shape
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
112359 مشاهدة print word pdf
line-top
من وقف بعرفة نهارا فقط دون الليل

بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشارح -رحمه الله تعالى- ومن وقف بعرفة نهارا دفع منها قبل الغروب ولم يعد إليها قبله، أي: قبل الغروب ويستمر بها إليه فعليه دم أي: شاة؛ لأنه ترك واجبا، فإن عاد إليها واستمر للغروب أو عاد بعده قبل الفجر، فلا دم عليه؛ لأنه أتى بالواجب وهو الوقوف بالليل والنهار.


بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد السنة: الوقوف نهارا إلى الليل؛ إلى غروب الشمس، فإن النبي صلى الله عليه وسلم دفع من منى بعدما طلعت الشمس يوم عرفة ثم لما وصل إلى عرفة وجد القبة قد بنيت بنمرة ولما جلس فيها وزالت الشمس صلى الظهرين، ثم ركب ناقته وتوجه إلى الموقف الذي وقف فيه، وهو عند الصخرات الكبار، عند جبل الرحمة وقف هناك حتى غربت الشمس وتحقق من الغروب، وغاب القرص ثم بعد ذلك دفع، فجمع فيها بين الليل والنهار، أي: جزءا من الليل وكل النهار أو معظم النهار؛ وذلك لأن ذلك اليوم يسمى يوم عرفة، والليلة التي تليه ليلة عيد النحر امتداد لعرفة وامتداد للوقوف؛ فلأجل ذلك لا بد أن يقف فيها، فإن وقف في النهار فلا بد أن يبقى إلى الليل، فإن انصرف قبل مغيب الشمس ولم يعُد، فقد ترك واجبا؛ لأن الوقوف بعرفة ركن، والوقوف بها إلى أن تغيب الشمس واجب. فالذي ينصرف قبل الغروب ترك واجبا ؛ لكونه انصرف قبل الوقت الذي انصرف فيه النبي صلى الله عليه وسلم، فلا بد أن يكون عليه دم من تعجله قبل الغروب، والدم شاة لمساكين الحرم أو سبع بدنة أو سبع بقرة كما تقدم.
كذلك لو قدر مثلا أنه انصرف بعد العصر، ثم رجع إليها قبل الغروب وغربت الشمس وهو بها فلا دم عليه، وكذلك لو انصرف قبل العصر وبقي بها ولم يرجع إلا في الليل رجع في الليل وبقي ساعة أو نصف ساعة أو جزءا من الوقت فإنه في هذه الحال لا دم عليه؛ لكونه جمع بين جزء من الليل وجزء من النهار، فالحاصل أنه لا بد أن يجمع بين الليل والنهار إن وقف نهارا؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الليل والنهار. يعني: أدركه الليل ولم يخرج من حدود عرفة إلا بعد ما مضى من الليل نحو ساعة أو قليل قريبا منها، ولهذا لم يصل إلى مزدلفة إلا بعدما دخل وقت العشاء أو مضى منه جزء، فهذا هو من الواجبات الوقوف بعرفة إلى أن تغيب الشمس أو أن يقف بها نهارا وجزءا من الليل ولو لم يكونا متواليين. نعم.

line-bottom